1-" اقرأ باسم ربك " أي اقرأ القرآن مفتحاً باسمه سبحانه وتعالى . أو مستعيناً به . " الذي خلق " أي الذي له الخلق أو الذي خلق كل شيء ، ثم أفرد ما هو أشرف وأظهر صنعاً وتدبيراً وأدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة فقال :
2-" خلق الإنسان " أو الذي " خلق الإنسان " فأبهم أولاً ثم فسر تفخيماً لخلقه ودلالة على عجيب فطرته . " من علق " جمعه على " الإنسان " في معنى الجمع ولما كان أول الواجبات معرفة الله سبحانه وتعالى نزل أولاً ما يدل على وجوده وفرط قدرته وكمال حكمته .
3-" اقرأ " تكرير للمبالغة ، أو الأول مطلق والثاني للتبليغ أو في الصلاة ولعله لما قيل له : " اقرأ باسم ربك " " فقال : ما أنا بقارئ " ، فقيل له اقرأ : " وربك الأكرم " الزائد في الكرم على كل كريم فإنه سبحانه وتعالى ينعم بلا عوض ويحلم من غير تخوف ، بل هو الكريم وحده على الحقيقة .
4-" الذي علم بالقلم " أي الخط بالقلم ، وقد قرئ به لتقيد به العلوم ويعلم به البعيد .
5-" علم الإنسان ما لم يعلم " بخلق القوى ونصب الدلائل وإنزال الآيات فيعلمك القراءة وإن لم تكن قارئاً ، وقد عدد سبحانه وتعالى مبدأ أمر الإنسان ومنتهاه إظهاراً لما أنعم عليه ، من أن نقله نم أخس المراتب إلى أعلاها تقريراً لربوبيته وتحقيقاً لأكرميته ، وأشار أولاً إلى ما يدل على معرفته عقلاً ثم نبه على ما يدل عليها سمعاً .
6-" كلا " ردع لمن كفر بنعمة الله بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه . " إن الإنسان ليطغى " .
7-" أن رآه استغنى " أن رأى نفسه ، واستغنى مفعوله الثاني لأنه بمعنى علم ولذلك جاز أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين لواحد .
8-" إن إلى ربك الرجعى " الخطاب للإنسان على الالتفات تهديداً وتحذيراً من عاقبة الطغيان ، و " الرجعى " مصدر كالبشرى .
9-" أرأيت الذي ينهى " .
10-" عبداً إذا صلى " نزلت في أبي جهل قال لو رأيت محمداً ساجداً لوطئت عنقه ، فجاءه ثم نكص على عقبيه فقيل له ما لك ، فقال إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة . فنزلت ولفظ العبد وتنكيره للمبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال عبودية المنهي .
11-" أرأيت إن كان على الهدى " .
12-" أو أمر بالتقوى " أرأيت تكرير للأول وكذا الذي في قوله :
13-" أرأيت إن كذب وتولى " .
14-" ألم يعلم بأن الله يرى " والشرطية مفعوله الثاني وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب الشرط الثاني الواقع موقع القسيم له . والمعنى أخبرني عمن نهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على هدى فيما ينهى عنه ، أو آمراً " بالتقوى " فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده ، أو إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الصواب كما تقول ، " ألم يعلم بأن الله يرى " ويطلع على أحواله من هداه وضلاله . وقيل المعنى " أرأيت الذي ينهى * عبدا " يصلي والمنهي على الهدى آمراً بالتقوى ، والناهي مكذب متول فما أعجب من ذا . وقيل الخطاب في الثانية مع الكافر فإنه سبحانه وتعالى كالحاكم الذي حضر الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى ، وكأنه قال يا كافر أخبرني إن كان صلاته هدى ودعاؤه إلى الله سبحانه وتعالى أمراً بالتقوى أتنهاه ، ولعله ذكر الأمر بالتقوى ،فاقتصر على ذكر الصلاة دعوة بالفعل أو لأن نهي العبد إذا صلى يحتمل أن يكون لها ولغيرها ، وعامة أحوالها محصورة في تكميل نفسه بالعبادة وغيره بالدعوة .
15-" كلا " ردع للناهي . " لئن لم ينته " عما هو فيه . " لنسفعا بالناصية " لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار ، والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدة ، وقرئ لنسفعن بنون مشددة و لأسفعن وكتابته في المصحف بالألف على حكم الوقف والاكتفاء باللام عن الإضافة للعلم بأن المراد ناصية المذكور .
16-" ناصية كاذبة خاطئة " بدل من الناصية وإنما جاز لوصفها ،وقرئت بالرفع على هي ناصية والنصب على الذم ووصفها بالكذب والخطأ ، وهما لصاحبها على الإسناد المجازي للمبالغة .
17-" فليدع ناديه " أي أهل ناديه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدي فيه القوم .روي أنا أبا جهل لعنه الله مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال : ألم أنهك ،فاغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي نادياص فنزلت .
18-" سندع الزبانية " ليجروه إلى النار وهو في الأصل الشرط واحدها زينة كعفرية من الزبن وهو الدفع ،أو زيني على النسب وأصلها زباني والتاء معوضة عن الياء .
19-" كلا " ردع أيضاً للناهي . " لا تطعه " أي اثبت أنت على طاعتك . " واسجد " داوم على سجودك . " واقترب " وتقرب إلى ربك وفي الحديث " أقرب ما يكون العبد إلى ربه إذا سجد " . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة العلق أعطي من الأجر كأنما قرأ المفصل كله " .