islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير البيضاوى
18068

70-المعارج

سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ

1-" سأل سائل بعذاب واقع " أي دعا داع بمعنى استدعاء ولذلك عدي الفعل بالباء والسائل هو النضر بن الحارث فإنه قال " إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " أو أبو جهل فإنه قال " فأسقط علينا كسفاً من السماء " سأله استهزاء أو الرسول عليه الصلاة و السلام استعجل بعذابهم وقرأ نافع و ابن عامر سال وهو إما من السؤال على لغة قريش قال : سالت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب أو من السيلان ويؤيده أنه قرئ سال سيل على أن السيل مصدر بمعنى السائل كالغور والمعنى سال واد بعذاب ومضى الفعل لتحقق وقوعه إما في الدنيا وهو قتل بدر أو في الآخرة وهو عذاب النار .

لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ

2-" للكافرين " صفة أخرى لعذاب أو صلة لـ" واقع " وإن صح أن السؤال كان عمن يقع به العذاب كان جواباً والباء على هذا لتضمن " سأل " معنى اهتم " ليس له دافع " يرده .

مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ

3-" من الله " من جهته لتعلق إرادته " ذي المعارج " ذي المصاعد وهي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب العمل الصالح أو يترقى فيا المؤمنون في سلوكهم أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو في السموات فإن الملائكة يعرجون فيها .

تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ

4-" تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " استئناف لبيان ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على التمثيل والتخيل والمعنى أنها بحيث لو قدر قطعها في زمان لكان في زمان يقدر بخمسين ألف سنة من سني الدنيا وقيل تعرج الملائكة والروح إلى عرشه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من حيث إنهم يقطعون فيه ما يقطع الإنسان فيها لو فرض لا أن ما بين أسفل العالم وأعلى شرفات العرش مسيرة خمسين ألف سنة لأن ما بين مركز ومقعر السماء الدنيا على ما قيل مسيرة خمسمائة عام وثخن كل واحدة من السموات السبع والكرسي والعرش كذلك وحيث قال " في يوم كان مقداره ألف سنة " يريد زمان عروجهم من الأرض إلى محدب السماء الدنيا وقيل " في يوم " متعلق بـ" واقع " أو " سال " إذا جعل من السيلان والمراد به يوم القيامة واستطالته إما لشدته على الكفار أو لكثرة ما فيه من الحالات والمحاسبات أو لأنه على الحقيقة كذلك والروح جبريل عليه السلام وإفراده لفضله أو خلق أعظم من الملائكة .

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا

5-" فاصبر صبراً جميلاً " لا يشوبه استعجال واضطراب قلب وهو متعلق بـ" سأل " لأن السؤال كان عن استهزاء أو تعنت وذلك مما يضجره أو عن تضجر واستبطاء للنصر أو بـ" سأل " لأن المعنى قرب وقوع العذاب " فاصبر " فقد شارفت الانتقام .

إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا

6-" إنهم يرونه " الضمير للعذاب أو يوم القيامة " بعيداً " من الإمكان .

وَنَرَاهُ قَرِيبًا

7-" ونراه قريباً " منه أو من الوقوع .

يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ

8-" يوم تكون السماء كالمهل " ظرف لـ" قريبا" أي يمكن " يوم تكون " أو لمضمر دل عليه " واقع " أو بدل من " في يوم " إن علق به والمهل المذاب في مهل كالفلزات أو دردي الزيت .

وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ

9-" وتكون الجبال كالعهن " كالصوف المصبوغ ألواناً لأن الجبال مختلفة الألوان فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح .

وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا

10-" ولا يسأل حميم حميماً " ولا يسأل قريب قريباً عن حاله وعن ابن كثير ولا يسأل على بناء المفعول أي لا يطلب من حميم حميم أو يسأل منه حاله .

يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ

11-" يبصرونهم " استئناف أو حال تدل على أن المانع من هذا السؤال هو التشاغل دون الخفاء أو ما يغني عنه مشاهدة الحال كبياض الوجه وسواده وجمع الضميرين لعموم الحميم " يود المجرم " . " لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه " .

وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ

12-" وصاحبته وأخيه " حال من أحد الضميرين أو استئناف يدل على أن اشتغال كل مجرم بنفسه بحيث يتمنى أن يفتدي بأقرب الناس إليه وأعقلهم بقلبه فضلاً أن يهتم بحاله ويسأل عنه وقرأ نافع و الكسائي بفتح ميم " يومئذ " و قرئ بتنوين عذاب ونصب يومئذ به لأنه بمعنى تعذيب .

وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ

13-" وفصيلته " وعشيرته الذين فصل عنهم " التي تؤويه " تضمه في النسب أو عند الشدائد .

وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ

14-" ومن في الأرض جميعاً " من الثقلين أو الخلائق . " ثم ينجيه " عطف على " يفتدي " أي ثم ينجيه الافتداء و " ثم " للاستبعاد .

كَلَّا إِنَّهَا لَظَى

15-" كلا " ردع للمجرم عن الودادة ودلالة على أن الافتداء لا ينجيه " إنها " الضمير للنار أو مبهم يفسره " لظى " وهو خبر أو بدل أو للقصة و " لظى " مبتدأ خبره .

نَزَّاعَةً لِلشَّوَى

16-" نزاعة للشوى " وهو اللهب الخالص وقيل علم للنار منقول من اللظى بمعنى اللهب وقرأ حفص عن عاصم " نزاعةً " بالنصب على الاختصاص أو الحال المؤكدة أو المتنقلة على أن " لظى " بمعنى متلظية والشوى والأطراف أو جمع شواة وهي جلدة الرأس .

تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى

17-" تدعو " تجذب وتحضر كقول ذي الرمة . تدعو أنفه الريب مجاز عن جذبها وإحضارها لمن فر عنها وقيل تدعو زبانيتها وقيل تدعو تهلك من قولهم دعاة الله إذا أهلكه " من أدبر " عن الحق " وتولى " عن الطاعة .

وَجَمَعَ فَأَوْعَى

18-" وجمع فأوعى " وجمع المال فجعله في وعاء وكنزه حرصاً وتأميلاً .

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا

19-" إن الإنسان خلق هلوعاً " شديد الحرص قليل الصبر .

إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا

20-" إذا مسه الشر " الضر . " جزوعاً " يكثر الجزع .

وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا

21-" وإذا مسه الخير " السعة " منوعاً " يبالغ بالإمساك والأوصاف الثلاثة أحوال مقدرة أو محققة لأنها طبائع جبل الإنسان عليها و " إذا " الأولى ظرف لـ" جزوعاً " والأخرى لـ" منوعاً " .

إِلَّا الْمُصَلِّينَ

22-" إلا المصلين " استثناء للوصوفين بالصفات المذكورة بعد من المطبوعين على الأحوال المذكورة قبل لمضادة تلك الصفات لها من حيث إنها داله على الاستغراق في طاعة الحق والإشفاق على الخلق والإيمان بالجزاء والخوف من العقوبة وكسر الشهوة وإيثار الآجل على العاجل وتلك ناشئة من الانهماك في حب العاجل وقصور النظر عليها .

الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ

23-" الذين هم على صلاتهم دائمون " لا يشغلهم عنها شاغل .

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ

24-" والذين في أموالهم حق معلوم " كالزكوات والصدقات الموظفة .

لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ

25-" للسائل " الذي يسأل " والمحروم " الذي لا يسأل فيحسب نفسه غنياً فيحرم .

وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ

26-" والذين يصدقون بيوم الدين " تصديقاً بأعمالهم وهو أن يتعب نفسه ويصرف ماله طمعاً في المثوبة الأخروية ولذلك ذكر " الدين " .

وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ

27-" والذين هم من عذاب ربهم مشفقون " خائفون على أنفسهم .

إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ

28-" إن عذاب ربهم غير مأمون " اعتراض يدل على أنه لا ينبغي لأحد يأمن عذاب الله وإن يبالغ في طاعته .

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ

29-" والذين هم لفروجهم حافظون " .

إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ

30-" إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين " .

فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ

31-" فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " سبق تفسيره في سورة المؤمنين .

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ

32-" والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون " حافظون و قرأ ابن كثير " لأماناتهم " يعني لا يخونون ولا ينكرون ولا يخفون ما علموه من حقوق الله وحقوق العباد .

وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ

33-" والذين هم بشهاداتهم قائمون " وقرأ يعقوب و حفص بشهاداتهم لاختلاف الأنواع .

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ

34-" والذين هم على صلاتهم يحافظون " فيراعون شرائطها ويكملون فرائضها وسنتها وتكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها أولاً وآخراً باعتبارين للدلالة على فضلها وإنافتهما على غيرها وفي نظم هذه الصلاة مبالغات لا تخفى .

أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ

35-" أولئك في جنات مكرمون " بثواب الله تعالى .

فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ

36-" فمال الذين كفروا قبلك " حولك" مهطعين " مسرعين .

عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ

37-" عن اليمين وعن الشمال عزين " فرقاً شتى عزة وأصلها عزوة من العزو وكأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزي إليه الأخرى وكان المشركون يحتفون حول رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم حلقاً ويستهزئون بكلامه .

أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ

38-" أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم " بلا إيمان وهو إنكار لقولهم لو صح ما يقوله لنكون فيها أفضل حظاً منهم كما في الدنيا .

كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ

39-" كلا " ردع عن هذا الطمع " إنا خلقناهم مما يعلمون " تعليل له والمعنى أنهم مخلقون من نطفة مذرة لا تناسب عالم القدس فمن لم يستكمل بالإيمان والطاعة ولم يتخلق بالإخلاق الملكية لم يستعد لدخولها أو إنكم مخلوقون من أجل ما تعلمون وهو تكميل النفس بالعلم والعمل فمن لم يستكملها لم يتبوأ في منازل الكاملين أو الاستدلال بالنشأة الأولى على إمكان النشأة الثانية التي بنوا الطمع على فرضها فرضاً مستحيلاً عندهم بعد ردعهم عنه .

فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ

40-" فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون " .

عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ

41-" على أن نبدل خيراً منهم " أي نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم أو نعطي محمد صلى الله عليه وسلم بدلكم من هو خير منكم وهو الأنصار . " وما نحن بمسبوقين " بمغلوبين إن أردنا ذلك .

فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ

42-" فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون " مر في أخر سورة الطور .

يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ

43-" يوم يخرجون من الأجداث سراعاً " مسرعين جمع سريع " كأنهم إلى نصب " منصوب للعبادة أو علم " يوفضون " يسرعون وقرأ ابن عامر و حفص " إلى نصب " بضم النون والصاد والباقون من السبعة نصب بفتح النون وسكون الصاد وقرئ بالضم على أنه تخفيف " نصب " أو جمع .

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ

44-" خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلةً " مر تفسيره " ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون " في الدنيا . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة " سأل سائل " أعطاه الله ثواب الذين هم " لأماناتهم وعهدهم راعون " " .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس